التغذية والتخفيف من الشقيقة

التغذية للمصابين بصداع الشقيقة (المايجرين)

مقدمة

تعد الشقيقة أو ما يُعرف بصداع المايجرين أحد الأمراض الشائعة التي تؤثر على كثير من الأشخاص، خاصة النساء. يتميز هذا الصداع بالألم الشديد والمتقطع الذي يؤثر على نصف الرأس وقد يرافقه مجموعة من الأعراض مثل الغثيان، الحساسية للضوء والصوت، والدوار. غالبًا ما تتسبب العوامل البيئية والهرمونية والنفسية في تحفيز نوبات الشقيقة. وفي ظل البحث المستمر لفهم أسباب الشقيقة، أصبح من الواضح أن التغذية تلعب دورًا حيويًا في التحكم في تكرار وشدة النوبات. يعكف العديد من المرضى على تحسين عاداتهم الغذائية كجزء من استراتيجيات العلاج التي يتبعونها. في هذا المقال، سيتم التطرق إلى أهمية التغذية للمصابين بصداع الشقيقة وكيف يمكن للطعام أن يكون عاملًا مساعدًا في الوقاية أو التخفيف من حدة الأعراض.

1. تأثير التغذية على الشقيقة

تُظهر العديد من الدراسات أن التغذية السليمة يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في تقليل احتمالية الإصابة بنوبات الشقيقة، بل وحتى في الوقاية منها. تتفاعل بعض الأطعمة مع الدماغ والجهاز العصبي بشكل يؤدي إلى حدوث الصداع، بينما تحتوي أطعمة أخرى على مكونات غذائية تساعد في استقرار النظام العصبي وتقليل تهيج الأعصاب. على الرغم من أن العلاقة بين الغذاء والشقيقة تختلف من شخص لآخر، إلا أن العديد من الأبحاث تشير إلى أن اتباع نظام غذائي معين قد يسهم في تخفيف الأعراض أو الحد من تكرار النوبات.

2. الأطعمة التي تحفز نوبات الشقيقة

العديد من الأطعمة قد تكون محفزًا مباشرًا لنوبات الشقيقة، ويُسمى هذا التفاعل بـ “المحفزات الغذائية”. من المهم أن يتعرف المصاب بالشقيقة على هذه الأطعمة لتجنبها في نظامه الغذائي. من أبرز هذه الأطعمة:

أ. الأطعمة الغنية بالتيامين

التيامين هو نوع من الأحماض الأمينية التي توجد في بعض الأطعمة مثل الجبن، الشوكولاتة، واللحوم المدخنة. يُعتقد أن هذه الأطعمة تحتوي على مركبات قد تحفز حدوث نوبات الشقيقة لدى بعض الأفراد.

ب. الأغذية الحاوية على مادة التيرامين

تُعتبر الأطعمة التي تحتوي على التيرامين مثل الجبن القديم، اللحوم المعالجة، وبعض الأطعمة المخمرة من المحفزات المعروفة. يتسبب التيرامين في ارتفاع مستوى الهرمونات التي قد تؤدي إلى تمدد الأوعية الدموية، وهو ما يعزز من حدوث الصداع.

ج. الكافيين

على الرغم من أن الكافيين قد يُستخدم أحيانًا في علاج الشقيقة لقدرته على تقليص الأوعية الدموية، إلا أن تناوله بشكل مفرط قد يتسبب في تحفيز نوبات الصداع. من الأفضل تحديد كمية الكافيين في النظام الغذائي تجنبًا لزيادة التوتر على النظام العصبي.

د. الأطعمة الغنية بالجلوتامات أحادية الصوديوم

توجد هذه المادة في العديد من الأطعمة المُعالجة مثل الوجبات السريعة، والمكعبات الحساء الجاهزة. يُعتبر الجلوتامات أحادي الصوديوم من المواد التي تساهم في زيادة التهيج العصبي وبالتالي ترفع من خطر حدوث نوبات الشقيقة.

3. الأطعمة التي قد تساعد في تقليل نوبات الشقيقة

على الرغم من أن بعض الأطعمة يمكن أن تكون محفزة، إلا أن هناك العديد من الأطعمة التي ثبت أن لها تأثيرًا إيجابيًا على المرضى المصابين بالشقيقة. هذه الأطعمة يمكن أن تساعد في تقليل حدة النوبات أو حتى الوقاية منها.

أ. الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم

المغنيسيوم هو معدن يلعب دورًا هامًا في وظيفة الأعصاب والعضلات. وقد أظهرت الدراسات أن نقص المغنيسيوم قد يرتبط بزيادة احتمالية حدوث الشقيقة. تشمل الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم مثل السبانخ، اللوز، الأفوكادو، والبذور. يُعتقد أن المغنيسيوم يساعد في تقليل توتر العضلات وتحسين تدفق الدم، مما يسهم في تخفيف الألم المصاحب للشقيقة.

ب. الأطعمة التي تحتوي على أحماض أوميغا-3 الدهنية

تعتبر الأحماض الدهنية أوميغا-3 من العناصر الغذائية التي تحتوي على خصائص مضادة للالتهابات. تناول الأسماك الدهنية مثل السلمون، الماكريل، والتونة يمكن أن يساعد في تقليل التورم والالتهابات التي قد تكون مرتبطة بنوبات الشقيقة. كما يمكن استهلاك المكملات الغذائية التي تحتوي على زيت السمك كمصدر بديل للأوميغا-3.

ج. فيتامين B2 (الريبوفلافين)

ثبت أن فيتامين B2 (الريبوفلافين) يساعد في تقليل وتيرة نوبات الشقيقة. يعتبر الريبوفلافين مفيدًا في زيادة الطاقة الخلوية وحماية الخلايا العصبية. يمكن العثور على فيتامين B2 في الأطعمة مثل البيض، اللحوم الحمراء، الأسماك، والخضروات الورقية.

د. الأطعمة الغنية بفيتامين D

أظهرت الدراسات أن نقص فيتامين D قد يكون مرتبطًا بزيادة نوبات الشقيقة. قد يسهم تناول الأطعمة الغنية بفيتامين D مثل الأسماك الدهنية، البيض، والأطعمة المدعمة في الوقاية من النوبات.

هـ. شرب كميات كافية من الماء

الجفاف هو أحد العوامل التي قد تزيد من احتمالية حدوث الشقيقة. لذلك، فإن الحفاظ على الترطيب الجيد للجسم من خلال شرب كميات كافية من الماء يمكن أن يساعد في تقليل تكرار النوبات. يوصى بتناول 8 إلى 10 أكواب من الماء يوميًا، خاصة في أيام الحرارة أو عندما يكون الجسم في حالة نشاط بدني مكثف.

4. الأطعمة التي يجب تجنبها

من خلال تجربة العديد من الأشخاص المصابين بالشقيقة، تبين أن هناك بعض الأطعمة التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة حدة الأعراض أو تهيج النظام العصبي. من الأطعمة التي يجب تجنبها:

• الأطعمة المالحة: مثل المخللات والأطعمة المُعلبة.

• الأطعمة المعالجة: مثل الوجبات السريعة والمشروبات الغازية.

• الأطعمة السكرية: مثل الحلويات والعصائر المحلاة.

• المشروبات الكحولية: خاصة النبيذ الأحمر.

5. نمط الحياة وأثره على الشقيقة

إلى جانب التغذية، يعتبر نمط الحياة العام له دور كبير في التحكم في نوبات الشقيقة. يمكن أن يؤدي اتباع نمط حياة صحي يشمل ممارسة الرياضة بشكل منتظم، تجنب التوتر، والالتزام بنوم كافٍ إلى تقليل شدة وتكرار نوبات الشقيقة.

أ. ممارسة الرياضة

تعتبر ممارسة الرياضة من العوامل التي تساعد على تحسين الدورة الدموية وتقليل التوتر. يُنصح بممارسة تمارين متوسطة مثل المشي السريع أو السباحة، مما يسهم في تقليل التوتر وزيادة إفراز الإندورفين الذي يخفف الألم.

ب. تجنب التوتر والقلق

التوتر النفسي قد يكون أحد العوامل الأساسية التي تساهم في ظهور نوبات الشقيقة. من خلال تقنيات الاسترخاء مثل التأمل، اليوغا، والتنفس العميق، يمكن تقليل مستويات القلق وتحسين الراحة النفسية، مما يساعد في تقليل النوبات.

ج. النوم الجيد

قلة النوم أو اضطرابات النوم قد تؤدي إلى تكرار نوبات الشقيقة. لذلك، يوصى باتباع روتين ثابت للنوم والحرص على الحصول على 7-9 ساعات من النوم الجيد كل ليلة.

6. الخلاصة

إن التغذية تلعب دورًا حاسمًا في تحسين صحة المرضى المصابين بالشقيقة. من خلال تحديد الأطعمة التي تؤدي إلى تحفيز النوبات، وتناول الأطعمة التي تحتوي على عناصر غذائية مفيدة مثل المغنيسيوم، أحماض أوميغا-3، والفيتامينات المختلفة، يمكن للمصابين بالشقيقة تقليل وتيرة النوبات وتحسين نوعية حياتهم. إضافة إلى ذلك، يتطلب الأمر تغييرًا في نمط الحياة من خلال تقليل التوتر، ممارسة الرياضة بانتظام، والنوم بشكل كافٍ.